سيدى سالم
أهلا بك عزيزى الضيف ومرحبا فى منتدى سيدى سالم
نتمنى تسجيلك معنا ومشاركتك
فمرحبا بك

سيدى سالم
أهلا بك عزيزى الضيف ومرحبا فى منتدى سيدى سالم
نتمنى تسجيلك معنا ومشاركتك
فمرحبا بك

سيدى سالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيدى سالم

منبر أبناء سيدى سالم / محافظة كفر الشيخ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شغل ‏..‏محمود الورداني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الشاذلى
مدير المنتدى
محمد الشاذلى


عدد المساهمات : 3090
تاريخ التسجيل : 05/07/2010
العمر : 52
الموقع : الكويت

شغل  ‏..‏محمود الورداني Empty
مُساهمةموضوع: شغل ‏..‏محمود الورداني   شغل  ‏..‏محمود الورداني I_icon_minitimeالجمعة 17 ديسمبر - 11:16:13

اشتغلت أيضا في اعمال سريعة لم يدم أكثرها إلا أياما‏,‏ وربما استمرت اسابيع قليلة‏.‏ فاشتغلت مثلا رقاقا‏,‏ أي عازف رق مع زميلي الذي تعرفت عليه عندما كنت اشتغل عند عم عريان المكوجي قبل سنوات‏.‏ كان سامي قد أصبح قائد فرقة موسيقية‏,‏ والتقيته مصادفة وأنا خارج من مدرسة روض الفرج الثانوية‏.‏





شغل  ‏..‏محمود الورداني 6666_16_12_2010_24_19


لم أكن رقاقا في حقيقة الأمر‏,‏ بل كلفني سامي بأن أخذ بالي من الراقصة‏,‏ وأتأكد من أنها تضع كل ما تحصل عليه من نقوط في الصندوق القابع في مكانه بين قدمي عازف الأكورديون‏,‏ وأمسك بالرق بين أصابعي أهزه وأشخلل به مع نغمات الأكورديون والطبلة والطارة والكمان أحيانا‏.‏ كذلك لم يكن سامي صاحب فرقة بالضبط‏,‏ بل كان شاطرا في تأجير الآلات والاتفاق مع الآلاتية وأصحاب الفرح‏.‏
أخفيت شغلي عن قمر أمي‏,‏ فلم أكن اشتغل سوي يوم واحد في الأسبوع‏,‏ وأستطيع أن أتحجج بأي حجة تبرر سهري أي وقت متأخر‏.‏ وعندما نجحت في استنطاقي في النهاية واعترفت لها‏,‏ نشب بيننا عراك لم يتوقف حتي توقفت أنا عن لقاء سامي‏,‏ خصوصا بعد أن تعددت مرات توقيفنا وتفتيشنا في كمائن البوليس في آخر الليل‏.‏ وكان مجرد تدخيني لسيجارة مخدرات واحدة أثناء الفرح‏,‏ يجعلني مرعوبا من المخبرين والضباط في كمائن الثانية والثالثة صباحا‏,‏ علي الرغم من أن سامي أكرمني جدا في الافراح التي اشتغلت فيها معه‏,‏ فقد كان نصيبي من النقوط لا يقل عن جنيهين يساعداني كثيرا في الأنفاق علي التدخين‏,‏ وفي الوقت نفسه كان مصروفي قد تضاءل جدا بعد ان انتقلنا للسكن في العمرانية الغربية في شقة كاملة لنا وحدنا‏..‏ علي كل حال لم أستطع احتمال مطاردات قمر أمي إلي الأبد وامتنعت عن لقاء سامي‏.‏
وفي الصيف التالي‏,‏ أرسلني أبيه حسين عصمت ابن عمي الي صاحب مكتب غريب جدا في الأسكندرية‏.‏ كان ابن عمي يشتغل في الحراسة وهو بشكل يجعل الواحد قيما علي خزائن الارض تقريبا توليت اقناع قمر أولا بأنني سأقيم شهرين علي الأكثر عند عمتي في الأسكندرية لأدبر مصروفات كلية الحقوق‏,‏ التي أرسل لي مكتب التنسيق خطابا بالقبول فيها‏,‏ وأحتاج كتبا وملابس ومصاريف متنوعة‏,‏ وإلا فسوف أبدو شحاذا أمام أولاد وبنات‏,‏ سبق لي أن رأيتهم عبر سور الجامعة‏,‏ علي مدي ثلاث سنوات‏,‏ فقد كانت مدرستي في روض الفرج‏,‏ لذلك كنت أمر يوميا علي الجامعة راكبا التروللي باص‏,‏ وأتطلع إلي كل مباني الجامعة‏..‏ كما توليت أيضا الاتصال تليفونيا بعمتي في الأسكندرية‏,‏ والاتفاق معها علي اقامتي عندها خلال هذه الفترة‏,‏ خصوصا وأن زوجها كان قد مات‏,‏ وهو الذي كان يمنعها عنا طول عمرها‏.‏
قال لي أبيه حسين عصمت ابن عمي ان رياض الخولي صاحب المكتب لا يستطيع أن يرفض له طلبا وبينهما شغل‏.‏ وحتي أقنع قمر قلت لها إنني سأتدرب علي شغل المحاماه منذ أول سنة لي في الكلية‏.‏
استقبلني صاحب المكتب غاطسا وراء مكتبه‏,‏ عندما أدخلتني إليه السكرتيرة صباح أول يوم‏.‏ انقبض صدري تلك الانقباضة التي أعرفها جيدا‏,‏ وهي انقباضة لازمتني وآلمتني منذ دخلت الشقة التي كانت في عمارة قديمة في محطة الرمل‏.‏ كان وصف حسين عصمت إبن عمي سهلا في الحقيقة‏.‏ قال لي أن أسأل فقط عن نصب الجندي المجهول‏,‏ والمكتب في العمارة المواجهة له في المنشية‏.‏
لم تكن هذه هي المرة الأولي التي أذهب فيها إلي الأسكندرية‏.‏ فقد سبق أن قضيت فيها عدة أيام وأنا في الاعدادية مع خالتي وزوجها وأولادها‏.‏ شعرت أنني في أجمل مدينة في الدنيا‏,‏ ويكفيني فقط أن أري البحر كل يوم‏.‏ كان البحر أزرق والسماء زرقاء والناس يتمشون علي البحر بالملابس الخفيفة‏.‏ وها أنا أعود إلي الأسكندرية بعد أن مرت كل تلك السنوات‏,‏ لأجدها مثلما تركتها جميلة علي البحر‏.‏
بدت الأمور في البداية سهلة ويسيرة‏.‏ ركبت القطار من محطة مصر‏,‏ واستقبلتني عمتي استقبالا معقولا‏,‏ رغم أن كلامها معي في التليفون لم يكن مريحا‏.‏
أما الانقباضة التي شعرت بها فور دخولي‏,‏ فقد ازدادت بعد أن دخلت الشقة‏,‏ وعبرت الي مكتب الاستقبال الذي كان معتما‏,‏ علي الرغم من المدخل المضاء بعدة مصابيح تتدلي من السقف مكسوة بفوانيس‏,‏ ومع ذلك كان معتما ورائحته مكتومة ورطبة‏,‏ ويشعر الواحد بالتراب موجودا في كل مكان‏,‏ يغطي المقاعد والمنضدة وقطع الأثاث القليلة‏.‏ كانت السكرتيرة التي استقبلتني سمينة جدا‏,‏ تتنفس بصوت مسموع وترتدي بلوزة مفتوحة الصدر‏,‏ ولم تتورع عن حصاري والضغط علي وهي تدخل بي إلي مكتب الخولي‏.‏
كان الخولي رجلا قصيرا يجلس وراء مكتبه في غرفة أكثر اعتاما‏,‏ مكتفيا بأباجورة علي مكتبه‏,‏ مسلطة عليه وهو قابع بين أوراقه وملفاته‏.‏ كان صوته خافتا كأنه شبح‏,‏ وتعاملت أنا معه بمنتهي الأدب‏,‏ وتجنبت أن أنظر إلي وجهة مباشرة‏,‏ فلم أتبين ملامحه‏.‏ سألني سؤالين متتاليين‏.‏ الأول هل أنا قريب حسين عصمت فعلا فأقسمت له إن الرجل ابن عمي‏,‏ والثاني إني سأقيم في الأسكندرية ما دمت من القاهرة وطالبا في جامعتها؟
أجبته إنني سأقيم عند عمتي وذكرت له عنوانها في زيزينيا‏,‏ التي كنت أعرف إنها حيا راقيا جدا يسكنه الباشاوات‏,‏ حتي أؤثر فيه ويعلم إنني ابن ناس‏.‏ لكنه لم يضف شيئا قط‏,‏ وأشار للسكرتيرة وأنهي المقابلة قائلا‏:‏
إبقي سلم لي علي حسين بك عصمت‏..‏
كادت السكرتيرة تدفعني دفعا إلي الخارج‏,‏ وهي تتقصع وتمضع اللبان بصوت مسموع‏.‏ لم ترجع بي الي الصالة حيث مكتبها‏,‏ بل دخلت بي حجرة جانبية بها صالون داكن بلون الزيتون وأكثر اعتاما من بقيمة الشقة‏,‏ وأغلقت الباب علي وغادرتني‏.‏
قضيت عشرة أيام متتالية‏,‏ فصل بينها يوم جمعة واحد‏.‏ أذهب يوميا إلي مكتب الخولي‏.‏ تدخلني السكرتيرة الحجرة نفسها‏,‏ وتتحرش بي دون أن أجرؤ علي ردعها وهي تتنفس من فمها وأنفها معا بصوت مسموع‏.‏ تقول لي كل يوم‏,‏ وهي تغمز بعينيها قاصدة الغواية بلاشك‏.‏
لما الأستاذ يطلبك هادخلك‏...‏
لا أعرف كيف يمضي علي الوقت وأنا محبوس في الحجره المعتمة‏.‏ ثم تبدأ المعارك في الاندلاع ولا تتوقف طوال اليوم‏.‏ أصوات سب وصراخ لرجال ونساء كانت تصلني واضحة‏,‏ ويعلو صوت السكرتيرة فوق صوت الجميع وهي تبادلهم السباب‏.‏ في مرات‏,‏ كنت أتسلل من مقعدي وأتجه إلي الباب‏,‏ لكنها فاجأتني بالزجر‏,‏ قبل أن أفتحه‏,‏ وأكتشف أنها تري ظلي خلف زجاج الباب‏,‏ قائلة‏:‏
خليك في حالك يا أستاذ ياللي جوه‏..‏ ياللي بتاع حسين عصمت‏...‏
عشرة أيام قضيتها أنتظر كل يوم عدة ساعات محبوسا‏.‏ حتي دخول دورة المياه امتنعت عنه‏,‏ وقبعت في الحجرة المعتمة‏,‏ انتقل بين مقاعد الفوتيه الثلاثة‏,‏ بل وأجلس علي المنضدة الرخامية مدليا ساقي حريصا علي ألا يظهر ظلي علي الباب وتكتشفني السكرتيرة‏,‏ منتظرا تلك اللحظة التي يطلبني فيها الخولي دون جدوي‏.‏ كنت أقبع كل يوم‏..‏ كل يوم خائفا من السكرتيرة ومن الرجال والنساء الذين يتبادلون السباب والصراخ دون أن يظهر الخولي‏.‏ وفي بعض المرات وصل العراك إلي حد دفعني للاختباء خلف أحد المقاعد‏,‏ متحينا الفرصة للإفلات من أولئك الزاعقين في الخارج‏,‏ إذا ما واصلوا هجومهم ودخلوا الحجرة المعتمة‏.‏
وبدأت عمتي في التململ مني ومن هذا الشغل الغريب‏.‏ سألتني عن عنوان المكتب الذي أذهب إليه كل يوم وأغيب طوال النهار‏,‏ ثم سألتني بعد ذلك عن الأجر الذي اتفقت عليه مع الخولي‏.‏ وفي كل مرة كنت أهرب من أي إجابة مباشرة‏.‏ ليس امامي إلا أن أضع نفسي تحت الطلب‏,‏ وأقبع خائفا محصورا وجائعا حتي أسمع أذان العصر من الجامع القريب‏,‏ وانتظر ظهور السكرتيرة التي تفتح الباب وتطل علي قائلة‏:‏
الأستاذ مش فاضي النهارده‏..‏
أهبط متثاقلا‏,‏ وما أن أشم رائحة البحر حتي أقول لنفسي إن علي ألا أفقد الأمل‏,‏ فبين الخولي وبين ابن عمي حسين عصمت شغل‏,‏ بل إن ابن عمي قال لي بالحرف‏:‏
الراجل ده رقبته تحت إيدي‏..‏ هاتشتغل عنده يعني هاتشتغل عنده‏..‏
فكرت بالطبع في طريقة للاتصال به وابلاغه بما يجري معي كل يوم‏..‏ كل يوم‏,‏ ولم تكن هناك طريقة للاتصال إلا عبر عمتي‏,‏ فأنا لا أعرف رقم تليفونه‏,‏ وهو ماكنت حريصا علي تجنبه‏,‏ لأنني كنت متوقعا أنها ستهدم مشروعي بكامله لو عرفت تفاصيل ما يحدث‏..‏ وهكذا‏..‏ كنت أهرع إلي القهوة التجارية القريبة‏,‏ أتبول ثم أخطف سندوتش فلافل من المطعم المجاور‏,‏ وأسير علي الكورنيش من محطة الرمل حتي زيزنيا لأضيع الوقت‏.‏
لم يتح لي أن أري الخولي مرة ثانية مطلقا‏,‏ وفي المرات التي حاولت مغافلة السكرتيرة والتسلل إلي مكتبه ضبطتني ووبختني‏,‏ بل إنها أمسكت بي في احدي المرات بعد ان فتحت باب مكتبه‏,‏ وشدتني بعنف قبل أن ألمح شبحه خلف المكتب‏,‏ حتي أنني شككت في أنه موجود بالداخل فعلا‏.‏
في اليوم العاشر فقدت الأمل تماما‏,‏ وانتهزت فرصة المعركة الدائرة التي تعالت أصواتها في الخارج‏,‏ وحزمت أمري ونهضت مصمما علي مقابلة الخولي مهما كانت النتائج‏.‏ فتحت الباب ومرقت منه إلي الصالة‏.‏ كان المشهد مذهلا‏,‏ فقد رأيت عددا كبيرا من الرجال والنساء يرتدون جلاليب وفساتين وبدلا وقمصانا وبنطلونات‏,‏ صغار وكبار وأطفال‏,‏ انخرطوا جميعهم في الضرب والاقتتال بأيديهم الخالية‏,‏ أو القابضة علي عصي وسكاكين‏,‏ بينما الصراخ يتعالي والدماء تغطي البعض‏.‏ غاب جرم السكرتيرة الضخمة وسط المعركة‏,‏ فرحت أبحث بعيني عنها قبل أن أتجه إلي مكتب الخولي‏.‏
شققت طريقي وسط المعركة‏,‏ وأخذت حذري حتي اقتربت‏.‏ وجدتها راقدة علي الأرض‏,‏ بعد أن تلقت ضربة شجت رأسها‏,‏ فجريت الي مكتب الخولي في آخر الردهة المقيمة‏.‏
كان ثمة نور خفيف يتسلل من تحت باب مكتبه‏,‏ وعندما فتحته‏,‏ وجدت الحجرة خالية تماما‏.‏ المكتب في مكانه والأباجورة تضئ تلال الأوراق والملفات علي جانبي المكتب‏,‏ أما الخولي فلم يكن موجودا‏.‏



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شغل ‏..‏محمود الورداني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكابتن محمود زكريا
» رضا محمود برس الى الأستاذ كمال العطيوى
»  حياة شيخ الأزهر عبد الحليم محمود
» مشكلات وأوجاع تربوية وتعليمية
» حفل زفاف محمود رضوان سادق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدى سالم :: منتدى الثقافة والفنون :: أدب وأدباء-
انتقل الى: