كعادتها كل مساء بعد الغروب.. وقفت تنتظر الحافلة رقم 35
تستقلها للذهاب الى منزلها...رغم صعود الركاب و التزاحم للحصول على المقاعد
الا انها لم تبرح المكان..و تستمر في الانتظار .. ترمق ساعتها بين حين ..هناك حافلة اخرى بعد 15دقيقة
مريم بنت العشرينيات ملداء نحيلة الجسد المنهك من مشقة الحياة يحتويه الفستان التركواز حتى يعكس لون وجهها الشاحب
صاحبة العيون الزرقاء الحزينة و البسمة الغائبة من شفتييها
و كانك تقرا البأس بصورتها عن بعد المسافات..تستبدل الخطوات بمكانها.. لتريح قدميها من ظغط كعبها العالي الاسود
فاذا بالسيارة الرمادية ترن بعجلة ..هو سمير يشير اليها بالركوب لجانبه
تلتفتت شمال و يمينا كانها تراقب طريق الامان..لترحل بخطى متسارعة نحوه
انطلقت السيارة بسرعة لمغامرة جديدة تحمل العاشقان لعالم الظلام
بعد ربع زمن..نزل ترحالهما بشقة سمير
يجد فيها فرحة إفتقدها و نظرة عشقها .. بهجة أعدّها..فتولّعه سيجارته أكثر من حرقة بركان لباطن الأرض ..تغدو فرحته كسحابة تتراقص بين عينيه لأنّه من تجار الكرامة........
و يلتفت لها..
جالسة ..بعينيها نظرة حقد و حزن مزيج بين فرحتها المؤقتة و كرهها للزمن القاسي...بريق الإنتقام يوشك يفضح لوح لسانها..
لكنها تتمسّك حتى تشرب من كأسه..و تسحره بروعة جمالها.
فتضيع منه رجولته..لأنه تخلى عن قيم عروبته و أصول دينه..
تأخذه غفلة اللذّة و يبحر بأنهار الحرمات..
أغلق عينيه بنومة غراب.......
ليستفيق صباحا و يجد نفسه يحلم..إتّجه للمرآة يتأكد من حقيقة الحلم......فوجد عليها سطور بأحمر شفاه مرسومة تقول..
مرحبا بك بعالم أحمر
عالم المرض الخبيث
إلتفت وراءه يتحقق من الحلم
كانت رحلت بصباح مبكر..فتذكر نظرة الحقد بعينها..و أدرك أن أياّمه معدودة
حكم على نهايتها بكأس مغامرة
لتعود مريم الى بيت ابيها الذي توفي تاركا لها ميراث الفقر و سوط زوجته السليطة ..ترتشف كاس الذل و الظلم..
تصرخ بوجهها:هل هذا ما حصدتيه طيلة ليلتك؟؟؟غبية.. مقرفة؟؟
تنهار مريم دموعها ككل صباح تغسل بها ارضية المطبخ
مستسلمة للقدر القاسي و الحياة الضنكا
تنتظر ضحية اخرى تنفث عليها سمها..كما اسقيت هي منه
اليان الاسكندر
شاعرة وأديبة
بلجيكا