السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني اخواتي
اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير, واشهد ان محمدا عبدالله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله عليه افضل الصلوات
وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
الحمدلله الذي جعلنا مسلمين وموحدين به سبحانه وتعالى وارتضي لنا الاسلام دينا ومحمدا صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فالموت اخواني واخواتي في الله كم يغيب اناس كثيرون منهم الصالح ومنهم غير ذلك لكن للموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين الاحتضار،
كما قال تعالى: { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}... (ق 19)
الشيخ عبدالله خياط رحمه الله
وسكرات الموت هي كرباته وغمراته، قال الراغب في مفرداته:
(السكر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما تستعمل في الشراب المسكر،
ويطلق في الغضب، والعشق، والألم، والنعاس والغشي الناشئ عن الألم وهو المراد هنا).
وقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه السكرات، ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول: [لا إله إلا الله، إن للموت سكرات] [أخرجه البخاري].
وتقول عائشة رضي الله عنها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما رأيت الوجع على أحد أشدَّ منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وقد دخلت عائشة رضي الله عنها على أبيها أبي بكر رضي الله عنه في مرض موته
فلما ثقل عليه، تمثلت بقول الشاعر:
لعمرُك ما يغني الثراءُ عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر ُ
فكشف عن وجهه، وقال رضي الله عنه: ليس كذلك، ولكن قولي:
{ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} (سورة ق 19) والأثر رواه ابن أبي الدنيا.
[SIZE=4]ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعاني منه المؤمن،
فقد جاء في حديث البراء بن عازب: أن روح الفاجر والكافر تفرق في جسده عندما يقول لها ملك الموت: أيتها النفس الخبيثة: اخرجي إلى سخط من الله وغضب، وأنه ينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشُّعَب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، ووصف لنا القرآن الكريم الشدة التي يعاني منها الكفرة:
{ ومن أظلمُ ممن افترى على الله كذباً أو قال أُوحي إلى ولم يوح إليه شيءٌ ومن قال سأُنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظـالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون} (الأنعام 93).
وهذا الذي وصفته الآية يحدث - كما يقول ابن كثير - إذا بشر ملائكة العذاب الكافر بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن، فتتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبي الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين:
{أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق}، وقد فسر ابن كثير بسط الملائكة أيديهم في قوله: {والملائكة باسطو أيديهم} بالضرب،
ومعنى الآية هنا كمعناها في قوله: {لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني} (المائدة 28)، وقوله {ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} (الممتحنة 2).
وقد يُحدّث العقلاء في حال الاحتضار عما يعانونه من شدة الموت وسكراته، وممن حدَّث بهذا عمرو بن العاص ؛ فعندما حضرته الوفاة، قال له ابنه: يا أبتاه ! إنك لتقول: يا ليتني ألقى رجلاً عاقلاً لبيباً عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد، وأنت ذلك الرجل، فصف لي، فقال: يا بني، والله كأن جنبي في تخت، وكأني أتنفس من سَمّ إبرة، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي، ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في تلال الجبال أرعى الوعولا
وكم تمني الإنسان الرجعة عند الاحتضار إذا نزل الموت بالإنسان تمنى العودة إلى الدنيا، فإن كان كافراً لعله يسلم، وإن كان عاصياً فلعله يتوب: { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون,, لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}... (المؤمنون 99، 110).
والإيمان لا يقبل إذا حضر الموت ، والتوبة لا تنفع إ ذا غرغر العبد:
{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليه وكان الله عليماً حكيماً,, وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تُبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليما}(النساء
وقد ساق الحافظ ابن كثير من الأحاديث ما يدل على أن الله يقبل توبة العبد إذا حضره الموت ما لم يصل إلى درجة الغرغرة [إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر] [رواه الترمذي وابن ماجه]، وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب، ولكن شرط التوبة الإخلاص والصدق، وقد لا يتمكن المرء من التوبة في تلك الأهوال، فعلى المرء أن يسارع بالتوبة قبل حلول الأجل:
قدم لنفسك توبةً مرجــوةً قبل الممات وقبل حبسِ الألسنِ