الشيخ مصطفي إسماعيل من العلامات البارزة في التلاوة والتجويد ليس في مصر فحسب ولكن في الوطن العربي أجمع حيث عيَّنه الملك فاروق قارئاً رسمياً في القصر الملكي؟ وحرص الرئيس السادات علي تقليده في قراءة القرآن عندما كان مسجوناً قبل ثورة يوليو.ولحسن صوته أهداه الرئيس التركي مصحفاً مكتوباً بماء الذهب وحصل علي وسام "الأرز" من لبنان.
نشأ الشيخ مصطفي إسماعيل بين أسرته التي كانت تتمتع بمكانة وشأن في قريتهم ميت غزال في مركز السنطة بمحافظة الغربية التي ولد بها في 17 يونيو عام .1905
حفظ القرآن الكريم كاملاً وأتقنه قراءةً وتجويداً وهو لم يتجاوز من العمر اثني عشر عاماً.. بعد ان ألحقه والده منذ نعومة أظفاره بكُتَّاب القرية.. ثم ألحقه بعد ذلك بالمعهد الأحمدي في مدينة طنطا ليتم دراسة القراءات وأحكام التلاوة بجانب باقي العلوم الشرعية.
بدأ الشيخ مصطفي يقرأ القرآن في مساجد عديدة وأماكن شتي حتي استمع الشيخ محمد رفعت إلي قراءته وأثني علي تلاوته ثناءً حسناً.. وتنبأ له بمستقبل باهر شريطة إتقان فن التجويد والمقامات.
ولتحقيق نبوءة الشيخ رفعت أخذ الشيخ مصطفي إسماعيل علي عاتقه عهداً بإتقان أصول التجويد من منابعه الأصلية فلزم الشيخ محمود حشيش وكان من قراء المعهد الأحمدي بالاضافة إلي متابعته للشيخ درويش الحريري عالم المقامات والذي قال فيه الشيخ مصطفي: "لقد التقطت أذناي كل ما سمعته طوال حياتي واستنبطت منه طريقتي في الأداء بالفطرة".
ذهب الشيخ مصطفي إسماعيل إلي القاهرة في بداية الأربعينيات من القرن الماضي ليتلمس أبواب الشهرة ودعي إلي القراءة في المسجد الحسيني الذي كان من المفترض أن يقرأ فيه في ذلك اليوم الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي الذي ألم به مرض فأعتذر ولتأتي مشيئة الله ان تنقل هذه القراءة علي الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية لتذاع شهرة الشيخ وصيته.
استمع الملك فاروق إليه وأصدر مرسوماً ملكياً عام 1944 بتعيين الشيخ مصطفي إسماعيل قارئاً رسمياً له في القصر الملكي وطلب من سكرتيره الخاص محمد بك سالم ان يدعو الشيخ مصطفي لاحياء ليالي رمضان داخل القصر وكانت الإذاعة المصرية تنقل القراءة علي الهواء مباشرة من هناك.
اعتبره رجال ثورة يوليو من اثار النظام الملكي البائت لكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً حتي عاد صوته يصدح في كل مكان.. وكان الرئيس الراحل أنور السادات من أبرز المحبين والمعجبين بالشيخ مصطفي وكان يحاول تقليد طريقته في التلاوة خاصة عندما كان مسجوناً قبل الثورة.. وبعد توليه الرئاسة قربه منه وجعله القارئ الرسمي للرئاسة وكان يصطحبه في جميع أسفاره حتي ضمه إلي الوفد الذي ذهب معه إلي القدس أثناء زيارته الشهيرة عام ..1977 ولم يكن الشيخ قد زار القدس من قبل.. فزار المسجد الأقصي المبارك وقرأ فيه القرآن الكريم وعلا صوته حتي ملأ أروقة المدينة العريقة وقد بكي الشيخ وأبكي من حوله خاصة عندما وقع بصره علي أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
لم يسع الشيخ مصطفي إسماعيل إلي الشهرة بقدر ما سعت إليه حتي أصبح تاجاً منفرداً في دولة التلاوة.. وطاف بلدان العالم وقرأ القرآن في كوالا لمبور وكراتشي والعديد من الدول الآسيوية والعربية والافريقية التي بها جاليات إسلامية خاصة أثناء شهر رمضان.
حصل الشيخ علي عدة جوائز وأوسمة منها وسام "الأرز" والذي يعد أرفع وسام تمنحه دولة لبنان للشخصيات البارزة عندما دعي من قبل رئيس وزراء لبنان لاحياء ليالي رمضان عام ..1965 وفي العام نفسه منح أول وسام يناله قارئ في مصر في عيد المعلم وتسلمه معه في ذلك الوقت د. طه حسين.
كما أهداه الرئيس التركي مصحفاً مكتوباً بماء الذهب عند زيارته لتركيا عام 1973 وحظي باستقبال وحفاوة بالغة من جانب الرئيس والشعب التركي.
رحل الشيخ مصطفي إسماعيل يوم الجمعة الموافق 22 ديسمبر سنة 1978 عن عمر يناهز 73 عاماً حيث كان يستعد للسفر إلي مدينة الاسكندرية لاحياء إحدي الحفلات القرآنية وكان وقتها القارئ الرسمي للجامع الأزهر الشريف.