تأمل قوله تعالى :
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ}
كلمة {سَآئِغاً} جزم القرطبي – رحمه الله-:
أنه لم يشرق أحد باللبن لا يوجد أحد شرب اللبن وأصابته شرقة
رغم أنه ممكن أن يشرق الإنسان بالماء
لأن الله جل وعلا يقول وهو أصدق القائلين:{سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ}
وهذا اللبن يتكون من أخبث شيئين في بطون الأنعام وهو
الفرث والدم الفرث بعفونته ، والدم بلونه فيخرجه الله جل وعلا بقدرته
ولذلك نسبها إلى ذاته العليا فقال:
{نُّسْقِيكُم}{مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ}لا الفرث يؤثر بالعفونة ولا الدم يؤثرباللون
فيخرج اللبن أبيض
ليس فيه رائحة العفونة ولا اللون الأحمر
{خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ}
فسبحان الله
وإنه ليس شيء يجزيء عن الطعام والشراب إلا اللبن
قال علماؤنا :
فكيف لا يكون ذلك وهو أول ما يغتذي به الإنسان وتنمي به الجثث والأبدان
فهو قوت خلي عن المفاسد به قوام الأجسام
وقد جعله الله تعالى علامة لجبريل على هداية هذه الأمة
التي هي خير الأمم
فقال في الصحيح :
حديث أبي هريرة
وله عنه طرق :
الأولى:عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( حين أسري بي لقيت موسى عليه السلام - فنعته النبي صلى الله عليه وسلم - فإذا رجل - حسبته قال : - مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة .
قال : ولقيت عيسى - فنعته النبي صلى الله عليه وسلم - فإذا ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس . يعني : حماما .
قال : ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه وأنا أشبه ولده به .
فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر . فقيل لي : خذ أيهما شئت . فأخذت اللبن فشربته فقال :هديت الفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك ) .
أخرجه البخاري ( 3394 و3437 و4709 و5576 و5603 ) ومسلم ( 272 ) وأحمد ( 2/282 و512 ) والبغوي في ( شرح السنة ) ( 3761 ) .