أعلن أنى كنت جباناً
كنت أخاف الموت
كنت أميت الصوت
كنت أحب الصمت
كنت ولكن صمتى كانَ
ليس كصمت الناس جميعاً
بل هو صمتى لا يتكرر
كان صديقى يموت صريعاً
نبرة صوتى لا تتغير
إن أتكلم قد لا أُفهَم
كان الصمت لمثلى أرحم
كان هروبى من أسئلةٍ
قد تحرجنى
أو عن صمتى قد تخرجنى
فعلاً أسلم
كنت أجيب بذلٍ حين سؤالى
من يغتال صديقك؟ ربى أعلم
لم أتعلم
كيف أثور؟! كيف أكون من الثوار ِ؟!
كيف أناضل؟! كيف أدافع عن أفكارى؟!
كيف أفاضل؟! بين الحق وبين الباطل
بين الخونة والأحرار
لم أتعلم حقاً لكن
ذنبى أنى لست أحاول
دوما أهرب بالأعذار ِ
أعلن أنى كنت مهانا
لست مهابا
كنت غبياً .. لا أتغابى
كان الحاكم يأمر شرقاً أمشى غرباً أمشى
عقلى غاب َ
كنت أمر على أضرحة الفكر فأبكى
كان الفكر الميت يصرخ
هل ستثور وتوقف سفكى ؟!
هل ستثور لهدم الإفك ِ؟!
هل ستحاول يوماً فكى ؟!
أبكى
أمسح دمعى فى يد أحد الغرقى فى العبارة
أحاول أن أتكلم لا أتمكن من إنشاء عبارة
أصمت هذا ما أتقنت طوال العمر بكل جدارة
أبكى
تسقط بعض دموعى فوق الجبل ِ
يحزن هذا الجبل علىّ فثار لأجلى
أصبح يقذفنى أحجاره
أبكى
وأصمت
أبدأ باستبدال الصمت بصمتٍ أكبر
يُغلق قنوات الأخلاق فأصمت أكثر
يقصف أقلام النقاد وبالكل يغدر
ينضج مشروع التوريث
ويبدأ توريث المشروع
وينهى إنهاك الأحزاب
وكل دوائر مجلسه قد زوّر
ولم يأت فيه بعضوٍ موقر
أصمت وأصمت
ولكنّ شعب الكرامة قرر
أعلن أنى لم أتحرر
حتى فى أيام الثورة ِ لست أشارك
بل أستهزئ بالثوار والسفاحَ أُبارِك
كنت أردد
دون تردد
كى أتودد
"هذا خاض لأجل الشعب معارك"
كنت أقول كلاما ً عنه
"هذا أمنى؛ بل وأمانى"
كنت أخاف كثيرا ً منه
حتى خوفى قد أعمانى
أعلن أنى كنت الجانى
لم أتنبأ أن يقتلهم فى الميدان
ثم يعيش طليقاً حراً ليس يدان
لم أتنبأ
لكن صمتى كان الأسوأ
ردة فعلى كانت أبطأ
كنت أشوّه فى الثوار
رغم يقينى
أن الحاكم هو من أخطأ
كنت أطالب من يتمنى لحظة عدلٍ
أن يتروى أو أن يهدأ
كنت أطالب من يتجرأ
أن يستسلم.. أن يتبرأ
من أحداث الثورة
كان يرد علىّ بحدّه
أن الثائر ضحى وحدَه
حتى تصبح بلدى حره
كنت أطالب من يتغنّى بالحرية
ليل نهار
أن يختار
إما الفوضى أو استقرار
كنت طوال العمر الفائت
أتحدث بلسان الحاكم
قمت بطمس كرامة بلدى
لم يتبق منها معالم
قمت بقتل براءة ولدى
قمت بوأد الطفل الحالم
"أعلن أنى كنت الظالم"
"أعلن أنى كنت الظالم "
"أعلن أنى كنت الظالم "
بقلم: سمير عبد العظيم..