لحظة خوف
نام المفتاح في طبلة الباب ، أداره " أبو المعاطى " دورة ونصف ، سقط اللسان وانزاح " الرَّفاص " عن منيمه ، دفع الباب ودخل إلي صحن الدار ، احتواه ظلام دامس فتوجس خيفة، لم تسعفه ذاكرته أن يستعيذ بالله من شياطين الجنْ والإنسْ ، تنحنح 00 لعله يأنس بصدي صوته أو يأتيه حس من خلف ستائر الظلام ـ يكشف سر هذا الصمت المريب ـ ، اقشعر بدنه ، أخرج يده من فتحة جلبابه ثم شهرها سلاحاً ودرعاً ، لم يكد يراها ، تسرب الخوف بداخله فدقت طبول الحرب في قلبه و تحفزت حواسه لمواجه خطراً مجهولاً00
استدعي مخزون ذاكرته علي عجل , فحص صورها المتتابعة، لم يجد فيها شخصاً يناصبه العداء أو يضمر له سوءً ، أصابه الإضطراب والحيرة وتجمد مكانه 000
حدث نفسه
" من ذا الذي يناصبني العداء ويكن لي شراً ؟ أيكون ابن أخي ؟
ربما 00 هل يريد الانتقام مني بعد أن نصحته ونهرته بقسوة عندما طلب حقه في ميراث أبيه 00!!؟
لا 00لا 00 ليس بن أخي 00"
إنها حماته التي أوغلت صدره ضدي، أوهمته بأنني أماطله كي أشتري ميراثه بثمن بخس 00صرخ محذراً ابن أخيه
: اعقل يا مجنون 00 أتقتل عمك من أجل تلك الأوهام 000
لكن صوته لم يخرج من حنجرته ، فالفم جاف واللسان ملتصق بسقف الحنك ، تساقطت قطرات من عرق مالح علي شفتيه ، تذوق طعمها لما بلع ريقه عدة مرات 00
هزْ رأسه نافياً ثم هتف لا 00لا00 ليس ابن أخي هو المتربص لي 0
ربما يكون ذالك التاجر الذي اشتري مني محصول الفول الأخضر وأصابه مرض " الهالوك " فلم يجني منه حبة واحدة 000لا00 لا 00إنه رجل طيب لا يضمر سوءً لأحد ،إن عشت لباكر سوف أرد له
مقدم الثمن الذي دفعه 0000
أخذ يبحث عن علبة ثقابه 00 ولما أهتدي إليها ، أشعل عوداً فتوهج وأضاء العتمة التي كانت تحتويه ، بانت لعينه معالم الدار ، أرهف سمعه 00 إذ بأنات مكتومة تقطع الصمت الرهيب ،
قال بداخله : هذه الأنات قادمة من تحت الدرج 00
قبل أن يتحقق من مصدرها 00 احترقت أنامله وانطفأ عود الثقاب 00 أشعل سريعاً عوداً آخر 00 ما إن توهج حتى رأي قط أسود ، قابض بين أنيابه علي فأر مذعور 00 الفأر يقاوم مصيره المحتوم ، يتلوى محاولاً الخلاص من بين فكي القط اللعين ، كلما كرر المحاولة تشق رأسه أخدوداً في الأرض ويثير غبراً كثيفاً ،يعلق بشواربه حفنة من تراب الأرض ، لن يلعق القط شواربه إلا بعد التهام فريسته 00!!
شعر " أبو المعاطي "بالمهانة لمَّا ربط مصيره بمصير الفأر المذعور 00
انتفض ليثأر لكرامته وينقذ المسكين من القط المفترس ، قبل أن يبادره بالهجوم ، هرب القط بصيده الثمين من بين أقدامه ، أصابه ثانياً رعباً مميتاً فصرخ حانقاً : بس ْ 00 بسْ يا ابن الكلب 00
هرب القط بفريسته وهرب الخوف من قلب " أبو المعاطي " وسكنت جوارحه ، صعد دراجات السلَّم خائر القوي ، ما أن ألقي جسده علي سريره الوثير حتى هدأ ضميره وراح في سبات عميق 000!!!!
الثلاثاء 8 ديسمبر - 2:58:05
