(قصيدة شعريه قمر جنوبى للشاعر احمد بخيت ) هون عليك فلا هناك ولا هنا
وجهاً لوجهٍ قلْ لموتك ها أنا
ضعْ عنك عبئك، والقَ خصمك باسما
فعلى جسارته يهابُ لقاءنا
إنْ لم يكن في العمرِ إلا ساعةً
علمْ حياتك كيف نُكرِمُ موتنا؟!
لا تنتظر خصماً أقل بسالةً
وارفع جبينكَ مثلما عودتنا
تتبرجُ الدنيا، ونكسر كِبرَها
ونقول: يا حمقاءُ غري غيرنا
لا نستجيرُ من الجراحِ، وإنما
من فرْط نخوتنا نجير جراحنا
لم يرتفع جبلٌ أمام عيوننا
إلا لنرفع فوقه أكتافنا!!
إنّا وقد نهب الظلام نجومَنا
نهدي الصباحَ لمن سيأتي بعدنا
في زفرةِ الفرسِ الأخيرةِ قبلما
يأتي اعتذارُ الموتِ عن موتى المنى
سنقول للرحمن جلََّ جلاله
فلتعطنا موتاً يليقُ بنا
..
يا طائر الغربات عُشك موحشٌ
فاهدأ لعلك يا غريبُ.. لعلنا
..
..
سيقول طفلٌ ما لدمعةِ أمه:
ساعي البريد غداً سيطرقُ بابنا
سأنام كي يأتي الصباحُ مبكرًا
وسنشتري لُعباً، ونخبز كعكنا
- نمْ يا ضنايا..
الطفلُ أصبح شاعرًا،
وأباً، وظل الحلم غضاً لينا!!
عشرون عاماً في انتظار الملتقى
ثم التقينا، كي نُتِم وداعنا
هون عليك، وأعطِ موتك فرصةً
واشكرهُ أن وهب اغترابك موطنا
يا نائياً عني بمترٍ واحدٍ
الآنَ وسَّعتَ المسافة بيننا!!!
..
نلتفُ حولك، نحن حولك يا أبي
فابسط عباءاتِ الحنان وضمنا
قلْ مرحباً، قلْ أي شيءٍ طيبٍ
لا تترك الكابوسَ يُفسدُ حلمنا
كنا نرى الآباء حول صغارهم
نشتاق أن تأتي، وأن تحكي لنا
(يا ما انتظرتك)، وانتظرتك يا أبي
الآنَ بادلني الحديثَ مُكفَّنا!!
زرنا، ولو في كل عامٍ مرةً
واجلسْ قليلاً كي تدير حالنا
جئْ ضاحكاً، أو ساخرًا، أو غاضباً
دللْ طفولتنا، وعاتب طيشنا
سمرٌ شتائيٌ، وشايٌ ساخنٌ
وسُعالك الحنَّان يؤنسُ بيتنا
أخشى من النسيان، قد يأتي غدٌ
وتصيرُ وحدَك في الغيابِ
ووحدنا!
إنا قصائدُك الجميلةُ
يا أبي
الله أبدعنا، وأنتَ رويتنا
نثرٌ هي الأيامُ
نثرٌ باهتٌ
وتصيرُ شعرًا كُلما اتقدتْ بنا!!
يبقى معي منك
الحياةُ قصيدةً
والموتُ شعراً
والخلودُ مؤذنا
أتأملُ "الحداد" في ستينهِ
قمرًا جنوبياً يرنقُ حولنا
ويقول: يا ولدي تعبتُ:
فخذ يدي
ثَقُلَ الحديدُ عليَّ
والظهرُ انحنى
أنصتُ لصوتي فيكَ
صدقاً جارحاً
فالموتُ يعجز أن يبدل صوتنا
لا تحمل اسميَ فوق صدرك صخرةً
أسماؤنا وطنٌ
يعمره السنا
كُن ما أحبك
كم أحبك فارساً
لا ينحني فقرًا
ولا يطغى غنى!!
لا يشبه الشعراءَ، يشبه شعرَه
إن البناء الفذ يُشبِهُ من بنى
لا دمع يبقى
كل دمعٍ زائلٌ
إلا الذي بالحب يغسلُ صدرنا
دمع المناحةِ –دائما- متأخرٌ
في نطفةِ الميلادِ نحملُ حتفنا
هَوّنْ عليك![/center][/justify]