بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ثلاثة أيام وفى خضم أزمة جريمة كنيسة الاسكندرية نشرت بعض الصحف خبرا مفاده أن محافظ كفر الشيخ اللواء أحمد زكى عابدين أصدر قرارا بمنع تحفيظ القرآن فى البيوت، مشترطا على من يقوم بذلك الحصول على ترخيص لمزاولة المهنة.
والحقيقة أن هذا الخبر فى منتهى الغرابة لعدة أسباب، منها أنه لا يجوز لأى سلطة مهما كانت أن تتحكم فيما يحدث داخل البيوت، أو من يدخلها، على اعتبار أن حرمة المسكن الخاص منصوص عليها فى الدستور، ولايجوز الدخول إلى البيوت وتفتيشها إلا بإذن قضائى، وبالتالى فإنه لا يجوز تحديد من يدخل بيوت الناس وماذا يفعل فيها؟
الأمر الثانى والمهم أن المحافظ قرر تنظيم مهنة محفظى القرآن واستخراج تصاريح أو رخص للعاملين بها، هو أمر يفوق سلطات المحافظ إذ أن تحديد المهن وتقنينها هو من أمر يحدده قانون يصدر من مجلس الشعب، وقد يتبعه لائحة تصدر من الوزير المختص لتنظيم المهنة، وليست من سلطة المحافظ على الإطلاق.
وحسب ما أعلم فإن فى مصر نقابة لمقرئى القرآن الكريم هى المنوط بها وفقا للقانون تنظيم أعضاء المهنة وليس المحافظ أيا كانت رغبته أو سلطته، أو شطحاته.. لكن قرار محافظ كفر الشيخ بخصوص تحفيظ القرأن فى المنازل يكشف عن جهل السلطة التنفيذية بالقوانين، وأن المسئولين التنفيذيين والمحليين يقولون ما يعن لهم دون دراسة ما يصدر عنهم من كلام.
ولا أعرف هل انتهت مشاكل كفر الشيخ بحيث لم يعد يعكر صفوها سوى تحفيظ القرآن فى المنازل؟
أعتقد أن مثل هذا القرار من المحافظ إضافة إلى تعارضه مع الدستور والمواثيق الدولية خاصة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان يخلق انطباعا سلبيا فى الشارع، ولدى المواطنين، ويعطى إيحاء وكأنه يحارب الدين مما يمنح المتطرفين فرصة للحديث عن حرب ضد الدين فى هذا البلد، نحن فى غنى عنها، وفى غنى عن قرارات وتصريحات غير مسئولة تخلق المزيد من الحساسيات الدينية فى بلد يتشدد أكثر فأكثر.
وكل ما أرجوه من السيد محافظ كفر الشيخ وغيره من المحافظين والوزراء والمسئولين التمهل فى الحديث، والتحكم فى حنفية التصريحات المفتوحة عمال على بطال، لأن الكثير من تصريحات المسئولين فى هذا البلد تخلق مشاكل نحن بغنى عنها، خاصة وأن معظم المسئولين التنفيذيين لا علاقة لهم بالسياسة ولا يعرفون جيدا توابع ما يقولون.