السيد الرئيس، ها أنت ذا تواصل الترجمة المباشرة والحرفية عن جماعتك، صحيح أن ترجمتك تأتي متأخرة قليلا، وتحسب أن الفاصل الزمني سيفصم العلاقة بين لغة خطاب جماعتك وترجمتك إياها، ولكن الحقيقة أننا نتربص بها وبك، وحتى الفاصل الزمني أقصر من أن ينسى غير المتربصين. السيد الرئيس، هل تعرف الحديث الشريف الذي فيه "سبقك بها عكاشة" فيمن "لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكّلون"، غير أن عكاشة – هنا – مختلف، إنه الرئيس الراحل "السادات" الذي قتله أبناء فكر جماعتك وبتمويلهم، فقد هددنا من قبلك، وبالقانون، وسمانا المتطاولين على ذات كبير العائلة – الأهل والعشيرة لديك – فما خفنا ولا ارتعدنا حتى قبض على خمسة آلاف مصري بين عشية وضحاها، وظللنا على موقفنا نصدع بكلمة الحق علانية وعلانية. والغريب أن تقفز حكمتك على موقف سابقك المخلوع، فقد كان شعاره "خلليهم يتكلموا"، وهو – بكل تأكيد – موقف أكثر حكمة من موقف سلفه ومن موقفك هذا المثير للدهشة والضحك، ولا داعي للكلمة الأخرى لنحتفظ بأخلاقيات الخطاب لا أكثر. السيد الرئيس، لعلك تعرف أن سلفيك لم يأتيا بانتخابات حرة ومباشرة، ولعلك تذكر أن أصواتك التي صرت بها رئيسا قاربتها جدا جدا أصوات ممثل النظام القديم، فلا كنت مرشح ثورة ولا من يحزنون، فلو كنت كذلك ما كانت النتيجة على هذا النحو.. فبأية آيات سلطتك المنقوصة صلاحياتها تتوعد وتهدد ؟.. أتهددنا بالقانون ؟.. وهل صار القانون محترما لديك فقط حين تهددنا به، أما حين يتعارض ومصالح جماعتك التي تتبناها كلا وتفصيلا، فليس ثمة قانون ولا دستور ولا حتى محكمة.. أما إننا لنعرف من أين تستمد قوتك، كما نعرف من أين تستمد قرارتك، ونقول لك أيها السيد الرئيس : غيرنا يخدع بشنشنة أخزم هذه، وغيرنا يخاف منها، وأولى بك قبل أن تهدد وتتوعد ككل من سبقك من طغاة أن تتذكر جيدا أنك رئيس منتخب، وأنك رئيس مؤقت، وأنك تقود مرحلة انتقالية، فلا تجعلها مرحلة انتقامية، فالانتقام تبدأه ولا تعرف أين يذهب بك، وتحدد آليته، فلا تضمن آليات الآخرين في مواجهته، تماما كالعنف الذي بدأته جماعتك فمر بها بين ردهات زنازين مصر من أربعينيات القرن الماضي، هذا العنف الذي مننت به علينا في خطابك بميدان التحرير. السيد الرئيس، ألا ترى معنا أنه، منذ توليت، ومصائب الناس تترى، فلا تضف إلى أقدارنا الحزينة حزنا آخر على عقول من اختاروك، فإن ملايينهم منا وليسوا – أبدا – من جماعتك. يا من انتخبك بعضنا، فقلت "لقد ولّيت عليكم" وتمثلت بأبي بكر وعمر، ألا تعرف أن نبينا صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يغضب لنفسه قط ّ !! ألستم جماعة "الرسول قدوتنا"، فأين إذن هذه القدوة. وإن غضبت لنفسك، فلماذا لا تخرس ألسنة شيعتك والمتحزبين لهم عن هتافهم الوقح "الشعب يريد إعدام المشير" و"يسقط يسقط حكم العسكر"، أو تتأسّى بالرجل الذي يسمع ما يقال فيه في سكينة وهدوء كرجل دولة حقيقي، فلا غضب ولا هدد ولا أرعد ولا أزبد ولا أوعد بعظائم الأمور، ويستطيع.. إن لم تستطع ذاك وذلك، تأسّ به – كرجل دولة – وهذا أضعف الإيمان. السيد الرئيس، أما وقد قلتها، فأبشرك أن شعبك – الآن – يحمد الله على انتقاص صلاحياتك، ويحمده أنك رئيس مؤقت، ما إن يعتمد الشعب دستوره، حتى تعود من حيث أتيت، ولو أعادتك جماعتك مرشحا مرة أخرى – ونحن أنا وأنت لسنا على يقين من ذلك – فستعرف أن شعبا هددته – أبدا – لن يأتي بك مرة أخرى، ولا بأحد من جماعتك.. لقد انتهى الدرس.
الأربعاء 18 يوليو - 14:51:37
