عاش غير المأسوف عليه الرائد صفوت الشريف حتى سقط مهووساً بالريادة الإعلامية التي أنفق الغالي والرخيص لبلوغها برعاية الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولم ينجحا في تحقيقها.
وكاد الرجلان يصابان بالجنون و”علبة كبريت” ، كما وصفها أحدهم، تسمى “الجزيرة” تسحب البساط من تحت أقدام”أزهي عصور الحرية البساط” ، ولولا بقية من عقل لأشار صفوت الشريف ، المتهم بأنه “عقل” موقعة الجمل” المجنونة، على مبارك بقصف القناة القطرية وإراحته منها، لكن الظروف لم تواته واكتفيا بقصف كلامي قاده الأزلام قادة الصحف الحكومية وقتها بصورة خائبة وضعوا فيها مصر بحجمها في مواجهة فضائية.
ولعل الله لايريد لصفوت الشريف الانتقال من عصر السماوات المفتوحة إلى زمن الزنازين المفتوحة على مصراعيها لأغوات النظام الساقط من غير أن يتحقق له حلم الريادة للتليفزيون المصري، وإن لم يكن جالسا على كرسي وزير الإعلام.
والمفارقة التاريخية هنا أن بطل هذه الريادة هو مبارك نفسه من دون مجهود منه أو ركض بين مدينة الإنتاج الإعلامي وماسبيرو ، ولا ينقص المشهد إلا وقوف صفوت الشريف في قلب المشهد ليخاطب سيده : هذه ثمار عصر الحرية التي انفتحت أبوابها على يديك، وهي دليل جديد على عبورك بنا إلى عصر السماوات المفتوحة.
غاب التليفزيون المصري طويلاً عن السباق الرمضاني بعد أن حوله الراقص أنس الفقي إلى مسخ سفيه يليق به وصف “حانة ليلية”، لكن تليفزيوننا في رمضان هذا يستعيد عصره الذهبي ويقدم الهدية الأخيرة إلى مبارك : نقل محاكمته حصرياً على تليفزيون مصر الذي آن له أن يفخر بدخوله عصر الحصرية وتتسابق الشاشات إلى نقل مشاهد المحاكمة عنه وتضطر إلى تضع على أحد جانبي الصورة ” نقلا عن التليفزيون المصري”.
مبارك الذي نازعه ابنه و”الهانم” في ملكه حتى كاد يختفي من الصورة أصبح الآن نجم موسم المشاهدة الأعظم في العالم العربي، وأجره قبضه مقدماً من ثروات مصر ودماء شبابها وكرامتهم.
وكأني الآن بالرائد صفوت الشريف يخرج من زنزانته مفاخراً بما يجري حاملا لوحة يهديه لرئيسه مكتوباً عليها” في الثالث من أغسطس 2011 تفضل السيد الرئيس المخلوع بافتتاح عصر الحصرية للتليفزيون المصري. والتزاما بمقولة سيادته التاريخية : خليهم يتسلوا ، هانحن نحن ، في إنجاز جديد يحسب لعصره، نترك للعالم كله فرصة التسلي به”.
ما أخشاه معارضة السلفيين بث هذا الإنجاز، لعلهم يخشون أن تلهينا التسلية عن العبادة في رمضان.